كلمة القس منذر اسحق في خدمة الرسامة





رسامتي لخدمة القسوسية
كنيسة الفادي الإنجيلية اللوثرية – القدس
3-1-2016
نعمةٌ لكم وسلامٌ من الله أبينا ومن ربّنا يسوعَ المسيح.
قبل حوالي 8 سنوات كنت أواعد من أصبحت لاحقاً زوجتي وشريكة حياتي – ردينة. قالت لي حينها: كشرط للخطوبة، عدني أنك لن تصبح يوماً قسيساً. أذكر أنني أجبتها حينها بكل ثقة: "لا تخافي يا حبيبتي، هذا آخر ما أفكر به".

وها أنا الآن! أقفُ أمامكم وقد كرّستُ نفسي وعائلتي لخدمة اللهِ والكنيسةِ والمجتمع. فعندما يدعو الله، يسمعُ الإنسانُ ويستجيب. لقد تغيّرت حياتُنا بالكامل عندَ إنهاءِ دراستي في انجلترا قبلَ حوالي عامينِ ونصف. عُدنا عندها إلى البلاد وعاهدنا اللهَ أن نخدمهُ كما يُريد. صلاتُنا كانت بسيطةً: مهما تطلب منّا، سنفعل!

أذكرُ حينها، وعندما طُرحَ أمامنا موضوع الرسامة في الكنيسة الإنجيلية اللوثرية، أننا قرأنا وصلينا الآية من متى 28:14 – وهي حادثةُ مشي بطرس على الماء. هناك قالَ بطرس قبل أن مشى على الماء: "يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ". كانت رغبةُ قلب بطرس أن يتبعَ سيّده ويمشي على الماء، وسط العاصفة، ولكنه أصرّ أن تأتي الدعوةُ من المسيحِ أولاً! وكأنه يقول: "أريدُ أن آتي إليك، ولكن مُرني أنتَ أن آتيَ إليك. لا أريدُ أن آتي من ذاتي أو بمبادرةٍ مني. ادعني أنت. يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ." 

أقفُ أمامكم اليوم، ولسانُ حالي مثلَ بطرس – مؤمناً ومتمسكاً بدعوة المسيحِ لي لهذه الخدمةِ المقدسة، خدمة الكلمة وإقامة السّرين المقدسين – رَغم ضعفي وعدم استحقاقي. الأوقاتُ التي نمرّ فيها أوقاتٌ صعبة، ومليئةٌ بالتحديات علينا كشعب فلسطينيٍّ وكمسيحيين فلسطينيين بشكل خاص. إنها مثل العاصفة التي تضربُ القاربَ تارةً يميناً وتارةً شمالاً. فمن قسوة الاحتلال إلى التطرّف الديني إلى ابتعاد جزء كبير ممن تبقى من المسيحيين وخاصة الشباب عن الكنيسة – أمام هذه التحديات أقول: " يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ". وأقف مدركاً أنني مثل بطرس، إن أزلتُ عينيَّ عن المسيحِ مُخلصي وفاديّ فإني سوف أغرق. فلا يمكن أن أسمحَ للعواصف أن تنسيني أن ربَّ السماء والأرض، من أسّسَ هذه الكنيسة في أرضنا هذه، من هذه المدينة المقدسة القدس، هو من دعاني لخدمته. 

وأمام هذه التحديات أومن أننا بحاجةٍ أكثر من أيّ وقتٍ مضى إلى العودةِ إلى جذورنا الإنجيلية، فنعيشَ ونعلنَ إنجيلَ المسيح الذي هو قوةُ الله للخلاصِ لكلّ من يؤمن. ونحن أيضاً بحاجة أكثر من أيّ وقتٍ مضى إلى وحدتنا كمسيحيين في هذه الأرض ومحبتنا الصادقة لبعضنا البعض ولوطننا. 

أودُ أن أذكرَ هنا فضلَ كل من ساعدني في الإيمان المسيحي وثبّتني في كلمة الله منذُ طفولتي حتى دراستي العليا. كما وأشكرُ بشكلٍ خاص سيادةَ المطران منيب يونان على دعمهِ لي واحتضاني في الكنيسة. لقد تعلمتُ الكثير منك في العامين الأخيرين، وأشكرك من أجل قيادتك الحكيمة لهذه الكنيسة. وأشكر الكنيسة اللوثرية (وخاصة في بيت ساحور وبيت لحم) وكل أعضائها وعمدها والمجمع على محبتهم لي. أشكرُ زملائي القسس في الكنيسة وعائلاتهم على دعمهم لي وفعلاً أشعر أننا من الآن عائلةٌ واحدة، وأتطلعُ لخدمةِ الإنجيل معكم في السنوات القادمة. وللقسيس متري الراهب أقول: أشكرك من أجل كل ما أعطيتني في العامين الأخيرين، ومن أجل ثقتك بي. أومن أن الله استخدمك في حياتي في توقيته – نحو حياةٍ أفضل، فشكراً.
أود أيضاً أن أشكرَ عائلتي على محبتهم ودعمهم غيرِ المشروط لي – أمي وأخي وأخواتي – ونتذكرُ معاً محبة أبي لنا وفضله علينا. 

وأيضاً أشكرُ عائلتي في كلية بيت لحم للكتاب المقدس حيث أخدمُ منذ أكثر من 10 سنوات في الحقل اللاهوتي والأكاديمي والمناصرة من أجل العدالة والحقّ، وأشكرهم لتفهمهم ودعمهم لي في سعيي نحو حقل الرعاية. 

لزوجتي ردينة أقول: نحنُ في هذا القارب معاً. لقد اختارك الله لي، ولا أقدرُ أن أتخيل حياتي وخدمتي في الكنيسة مع غيرك. صلّوا لأجلنا ولأجل كرم وزيد كي يقود الله خطواتنا ويكون هو مرشدنا وعوننا. من الآن أقول: سامحوني إن ارتكبت الأخطاء، فأنا إنسانٌ ضعيفٌ وخاطئ. صلوا معي كي يستخدمني الروحُ القدس ويقدسني ويمتلكني لأعلنَ الحقَّ بجرأةٍ ووداعة. صلوا لي إذ أسعى فوق كلّ شيء أن أحبَ الله وكنيسَتَهُ وقريبي الإنسان من كُل قلبي وفكري وقدرتي. 

ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتَ السَّيِّدِ قَائِلاً: «مَنْ أُرْسِلُ؟ وَمَنْ يَذْهَبُ مِنْ أَجْلِنَا؟» فَقُلْتُ: «هأَنَذَا أَرْسِلْنِي».

ولله الآب والابن والروح القدس الإله الواحد المجد – كل المجد – من الآن وإلى الأبد، آمين. 


 

Comments