عظة تنصيبي راعيًا لكنيسة الميلاد الانجيلية اللوثرية
عظة
التنصيب
كنيسة
الميلاد الانجيلية اللوثرية – بيت لحم
13-8-2017
نعمة لكم وسلام من الله
أبينا ومن ربنا يسوع المسيح. اليك حاجتي يا رب.
اسمحوا لي أن أبدأ كلمتي
بتوجيه كلمات شكر وعرفان. لسيادة المطران منيب يونان مطران كنيستنا، على قيادته
الحكيمة لنا. للقسيس متري الراهب الذي تعلمت منه الكثير عن الرعاية والقيادة
واللاهوت في السنوات الثلاث الأخيرة. لعمدة كنيسة الميلاد على ثقتهم بي وإخلاصهم
وتفانيهم لخدمة هذه الكنيسة في روح التعاون والوحدة. ولرعية الكنيسة الذين احتضونا
أنا وعائلتي، وجعلونا نشعر من أول يوم بأننا وسط عائلتنا.
أشكر عائلتي؛ أمي واخوتي
واخواتي على دعمهم المستمر. وأشكر شريكة حياتي وشريكة خدمتي وسندي في حياتي –
ردينة؛ عطيتي من الله.
أخيرًا وليس آخرًا أشكركم
جميعًا من أتيتم لتشاركونا هذا اليوم المميز والمهم في تاريخ كنيستنا.
أيها الأحباء، أقف على هذا
المنبر اليوم مدركًا الإرث الغني لأن أكون خادمًا لله في هذا المكان. فهذه بيت
لحم، مهد المسيح. هنا تجسد الإله، فالتقت السماء بالأرض، واقترب الله إلينا،
وأصبحت المحبة إنسانًا. هنا ولد المخلص، وبدأت حكاية خلاص البشرية.
وهذه فلسطين، أقدس بقاع
الأرض. أرض الحضارات. أرض البدايات. أرض النبوات. أرض الله.
وهذه كنيسة فلسطين. أقدم كنائس العالم. فمن هنا خرجت رسالة الخلاص والسلام والرجاء للعالم أجمع. هذه الكنيسة التي صمدت وعاشت وبقيت تشهد وتعطي وتحبّ. ومسؤوليتنا اليوم كفلسطينيين، أمام الله والعالم، أن تبقى هذه الكنيسة حاضرة في أرض المسيح.
وهذه كنيستنا اللوثرية. إرث
الايمان الانجيليّ عن النعمة والتبرير والحرية، وإرث الخدمة والتضحية والاهتمام
باللاجئ واليتيم، والتعليم والتنوير، والجدية في العمل. وإرث العمل الوطني وبناء
المجتمع.
أقف على هذا المنبر مدركًا
من سبقني بالوقوف عليه عبر السنين، في سنوات صعبة ومليئة بالتحديات. فكنيسة
الميلاد عاينت وعاشت تاريخ شعبنا منذ عام 1854. وأمام الاحتلال قاومت، وقاوم
أعضاؤها وحتى سجنوا. ونهضت وأعطت، وبنت الدار تلو الدار، فغدى صرحنا مركزًا
ثقافيًا لمدينتنا بل لوطننا. أقف هنا مدركًا التميّز والفرادة لمن وقف هنا ووعظ
وعلم لثلاثين عامًا مضت؛ ولمن نهض بكنيستنا ومدينتنا. وأن أخلفه ليس بالأمر السهل
أبدًا.
أمام هذا الإرث، أقف طالبًا
من الله أن يوفقني في حمل رسالة هذا الكنيسة إلى الأمام.
Photo Credit: Ben Gray/ELCJHL
ثانيًا ٌأقول: أقف على هذا
المنبر مدركًا الواقع الذي نعيشه اليوم كفلسطينيين. فنحن ما زلنا نبحث عن الحرية؛
عن العدالة؛ عمن يقول صوت الحقّ في قضيتنا. الجدار يمزق أرضنا. المستوطنات تمزق
قرانا. الانقسام يمزق قلوبنا. وصمت العالم وتواطؤه يضاعف من همّنا.
وكمسيحيين فلسطينيين، أعدادنا
تقل، ولكن ليس حضورنا. كنا وما زلنا وسنكون. نساهم ونعطي ونبني. فيجب أن نكثّف
جهودنا في وقف هجرة أبنائنا وبناتنا من هذه الأرض.
أقف هنا على وقع أقدام تطرف دينيّ بدأ يتغلغل في مجتمعاتنا العربية مثل السرطان القاتل، لا ندري من أين ابتلانا.
إننا نواجه اليوم تحدياتٍ
غير مسبوقة، تتطلب منا حكمة وثبات وصمود.
ثالثًا، أقف على هذا
المنبر مدركًا مسؤوليتي كراعٍ في كنيسة الله. مسؤوليتي لرعية كنيسة الميلاد. أنتم
"وزنتي"، ائتمنني الله عليكم – ولي الشرف. أدرك أن القائد هو الخادم قبل
كلّ شيء. فمعلمي يسوع علمنا: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ عَظِيمًا
فَلْيَكُنْ لَكُمْ خَادِمًا". فلتكن عظمتي في خدمتكم، وإرثي أنني ساهمت في أن
أعلن محبة الله لكم في المسيح.
أدرك مسؤوليتي لبيت لحم –
أهلها ومجتمعها ومؤسساتها. ومسؤوليتي لفلسطين، ببناء الوطن والدفاع عن الحقّ
والعدالة، والسعي نحو الحرية والتفوّق. ومسؤوليتي المشتركة مع أبناء وطني وزملائي رجال الدين المسيحيين والمسلمين نحو التعاون والتعايش وبناء
الجسور ونبذ التطرّف.
وأدرك مسؤوليتي أمام كنيسة
فلسطين، بالعمل نحو الوحدة المسيحية والمشاركة والتعاون، فنكون في وحدتنا شهادة
للجميع عن الروح الواحد الذي يجمعنا، وعن المخلص الذي جمعنا في جسده الواحد.
وللكهنة والقسس الذي أتوا لمشاركتنا هذا اليوم المميز في تاريخ كنيستنا أقول: أقدّر
وأثمّن جدًا حضوركم معي في هذه اليوم. أومن أن وجودكم ليس مجاملات، فبعضنا تجمعنا
صداقة وشراكة عمرها سنين سبقت تنصيبي على هذه الكنيسة.
أدرك أيضًا مسؤوليتنا
كمسيحيين فلسطينيين للعالم. كنيستنا تستقبل اسبوعيًا الحجاج المسيحيين الذين وجدوا
في كنيستنا عنوانًا ومقصدًا. وكثيرون سمعوا عبر السنين عن قضايانا وعن رسالة الحقّ
من على هذا المنبر. عن رسالة الرجاء؛ عن لاهوت فلسطيني ينادي بالحرية في وجه بطش
الامبراطوريات، مناديًا بأن الودعاء هم من يرثون الأرض.
وفوق كل شيء، أدرك تمامًا
مسؤوليتي أمام عائلتي، أن أبقى وسط انشغالي الزوج والأب الذي يريدني الله أن أكون.
صلاتي أن أبقى أمينًا لله
مخلصي ومن دعاني إذ أقف أمام هذه المسؤوليات. لذا أقول أخيرًا، أقف على هذا المنبر
مدركًا ضعفي واتكالي الكامل على الإله الذي يقول: "تَكْفِيكَ نِعْمَتِي،
لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ". وكبولس أقول: "فَبِكُلِّ
سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ
الْمَسِيحِ."
أقف مؤمنًا أن رسالة
الانجيل فيها الشفاء لأرواحنا ومجتمعنا. سأعظ وأعلم عن محبة الله غير المشروطة
للإنسان. في وجه التحديات التي تواجهنا، أومن أن القبر الفارغ هو رجاؤنا. أومن أن
المسيح الحال بيننا في الخبز والنبيذ هو عزاؤنا في شدة هذه الحياة؛ أن مولود بيت
لحم هو خلاصنا وملجأنا وقوتنا، وأن نهجه وتعاليمه هي سراجنا.
ألتزم أمامكم وانطلاقًا
بإيماني بالمصلوب والمقام من الموت، برسالة الرجاء أمام اليأس... المحبة أمام
التطرف... الرحمة أمام اللامبالاة... العدالة أمام الظلم... الحق أمام الباطل.
وسلام الله الذي يفوق كلّ
عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع ربنا، آمين.
Photo Credit: Ben Gray/ELCJHL
Photo Credit: Ben Gray/ELCJHL
Comments