الإصلاح اللوثري - 500 عام

في مثل هذا اليوم، قبل 500 عام، علّق الراهب الألماني مارتن لوثر حججه ال 95 الشهيرة على باب الكنيسة في فيتنبرج، معلنًا رفضه أن يكون الخلاص سلعةً يشتريها الإنسان بالمال، ولم يكن حينها يعلم أنه أطلق شرارة البداية لحركة إصلاح مسيحية شملت الكنيسة والمجتمع، وغيرّت العالم بأكمله.



نحتفل اليوم بخمسمائة عام على الإصلاح اللوثري ، والذي أدى إلى تأسيس الكنائس البروتستانتية، وغيّر معالم الكنيسة والعالم. وانطلقت من هنا المبادئ الانجيلية التي أرست أساسًا لأكثر من 500 مليون مسيحي يتبعون الإصلاح اليوم:

·        يتبرر الإنسان أمام الله بالإيمان وحده، وليس بأعماله الحسنة.
·        الكتاب المقدس لهُ السلطة النهائية في أحكام الإيمان والسلوك المسيحي.
·        جميع المؤمنين هم كهنة بالمعنى الروحي.
ولعلّ إحدى أهم محطات الإصلاح كانت عندما واجه لوثر الامبراطور تشارلز الخامس، مواجهًا تهديد الموت والحكم "بالهرطقة" – مما يعني ضمنيًا الحكم بموته. وقف هذا الراهب حينها أمام الامبراطور وجبروته، متسلحُا بإيمانه، ورافضًا التراجع عما كتب، ومعلنًا:

"إلا إذا اقتنعت بشهادة الكتاب المقدس، أو بمنطق واضح – لأنني لا أثق بالبابوات ولا بالمجامع وحدها إذ أنه من المعروف جيداً بأنهم أخطأوا كثيرًا وناقضوا أنفسهم – فأنا ملتزم بالكتاب المقدس الذي اقتبست منه، وضميري أسير لكلمة الله. فلا أقدر ولا أريد أن أتراجع عن شيء، فليس صائبًا أو مأمونًا أن أناقض ضميري. ليساعدني الله. آمين."

بهذه الكلمات أعلن لوثر عن حريته من سطوة الامبراطور، والتدين، وتقاليد مجتمعية عفى عليها الزمن. بهذه الكلمات أدرك لوثر أن حريته في المسيح قادرة على تغيير واقعه. والمميّز والملفت هنا، أن لوثر أعلن نفسه أسيرًا للحقّ الإلهي المُعلن في كلمة الله، مدركًا تمامًا أنه هذه هي الحرية الحقيقية. الحرية الحقيقية هي مع الله. لقد فهم هنا لوثر كلام معلمّه في الإنجيل: "وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ... فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا." (يوحنا 32:8، 36)
وقد عبّر لوثر عن الحرية التي لنا في المسيح بما يمكنني أن أصفه بأنه أروع ما قاله لوثر:

" المسيحي هو إنسانٌ حرٌ تمامًا، سيّدٌ لنفسه، ولا يخضع لأحد. والمسيحي هو إنسانٌ واجبه أن يخدمَ الجميع، وهو يُخضِعُ نفسَه من أجل الجميع".

يعبّر لوثر هنا عن جوهر الإيمان الإنجيلي بشكله العمليّ. المؤمن المسيحي هو من يدرك أنه قد تحرّر من قيود الشريعة وأن برّه يأتي بالكامل من المسيح مخلصه، وهذه الحرية بدورها تقوده للعمل والخدمة ومحبة الله والقريب.
نحن لا نتبع مارتن لوثر، بل مسيح لوثر ومُحرّرَه. ونحن لا نسيرُ وراء لوثر، بل مَعهُ على خطى الإنجيل نحو صليب الحرية، نحو 
المسيح المُقام من بين الأموات – لهُ المجد في الكنيسة مع الآب والروح القدس، آمين. 


Comments